كيف يتوب من كان يزني ويسرق
إذا كان المسلم سيئاً ، يزني ويسرق ويقامر فما هو عقابه ؟ إذا فرضنا أنه فيما بعد أراد بأن يُعاقب على كل ما اقترفه من ذنوب ، فماذا يفعل ؟ هل يمكن أن يذهب ويقول اقطعوا يدي واقطعوا رقبتي بسبب ذنوبي ؟.
الحمد لله
أولاً :
الزنا ذنبٌ عظيم قال الله تعالى: { وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً } الإسراء / 32 ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ ولا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارَهُمْ حِينَ يَنْتَهِبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ " رواه البخاري رقم ( 2475 ) ومسلم ( 57 ) .
وهو من كبائر الذنوب ، ومرتكبه متوعد بعقاب أليم فقد جاء في الحديث العظيم - حديث المعراج - والذي فيه : " ... فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى مِثْلِ التَّنُّورِ قَالَ فَأَحْسِبُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فَإِذَا فِيهِ لَغَطٌ وَأَصْوَاتٌ قَالَ فَاطَّلَعْنَا فِيهِ فَإِذَا فِيهِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ وَإِذَا هُمْ يَأْتِيهِمْ لَهَبٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ فَإِذَا أَتَاهُمْ ذَلِكَ اللَّهَبُ ضَوْضَوْا قَالَ قُلْتُ لَهُمَا مَا هَؤُلاءِ ؟ … قَالَ : قَالا لِي : أَمَا إِنَّا سَنُخْبِرُكَ … َأَمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ الْعُرَاةُ الَّذِينَ فِي مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ فَإِنَّهُمْ الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي " رواه البخاري في باب إثم الزناة رقم ( 7047 )
وقد عاقب الله الزناة في الدنيا بعقوبات شديدة ، وأوجب على ذلك الحد ، فقال تعالى في بيان حق الزاني البكر : { الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ } النور / 2 .
أما المحصن ـ وهو الذي قد سبق له الزواج ـ فجعل حده القتل فقد جاء في الحديث الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه ( 3199 ) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " والثيب بالثيب جلد مائة والرجم " .
ثانياً :
والسرقة كذلك من كبائر الذنوب :
قال تعالى : { والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاءً بما كسبا نكالاً من الله } المائدة / 38 .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس يوم النحر فقال : " يا أيها الناس أي يوم هذا ؟ قالوا : يوم حرام ، قال : فأي بلد هذا ؟ قالوا : بلد حرام قال : فأي شهر هذا ؟ قالوا : شهر حرام ، قال : فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا – فأعادها مراراً – ثم رفع رأسه فقال : اللهم هل بلغت ؟ اللهم هل بلغت ؟ قال ابن عباس رضي الله عنهما : فو الذي نفسي بيده إنها لوصيته إلى أمته ، فليبلغ الشاهد الغائب . رواه البخاري ( 1652 ) .
وحدُّ السرقة هو قطع اليد اليمنى ، كما سبق ذكره في الآية .
ثالثاً :
ونوصي صاحب السؤال بالتوبة والاستغفار على ذنوبه :
قال الله تعالى : { وإني لغفار لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى } طـه / 82 .
عن أنس بن مالك قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : قال الله : يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي ، يا بن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي ، يا بن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة " ، الترمذي ( 3540 ) ، وحسَّنه الشيخ الألباني في " صحيح الجامع " ( 4338 ) .
وعن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنه قال : " . . . يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار ، وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفرونى أغفر لكم . . . . " مسلم (2577) .
رابعاً :
والتوبة بين الإنسان وبين ربِّه خيرٌ له من الاعتراف بذنبه عند القاضي لإقامة الحد عليه .
وفي صحيح مسلم ( 1695 ) عندما جاء " ماعز " يقول للنبي صلى الله عليه وسلم " طهِّرني " ، قال له : ويحك ارجع فاستغفر الله وتب إليه .
قال الحافظ ابن حجر :
ويؤخد من قضيته – أي : ماعز عندما أقرَّ بالزنى - أنه يستحب لمن وقع في مثل قضيته أن يتوب إلى الله تعالى ويستر نفسه ولا يذكر ذلك لأحدٍ ، كما أشار به أبو بكر وعمر على " ماعز " ، وأن مَن اطَّلع على ذلك يستر عليه بما ذكرنا ولا يفضحه ولا يرفعه إلى الإمام كما قال صلى الله عليه وسلم في هذه القصة " لو سترتَه بثوبك لكان خيراً لك " ، وبهذا جزم الشافعي رضي الله عنه فقال : أُحبُّ لمن أصاب ذنباً فستره الله عليه أن يستره على نفسه ويتوب ، واحتج بقصة ماعز مع أبي بكر وعمر . " فتح الباري " ( 12 / 124 ، 125 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب