الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
1 ـ النهي عن النظر إلى السماء في الصلاة :
|
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(( ما بالُ أقوام يرفعونَ أبصارهم إلى السماء في الصلاة، فاشتدَّ قوله في ذلك حتى قال: لَيَنْتَهُنَّ عن ذلك، أو لتُخطَفَنَّ أبصارُهم )).[ رواه مسلم والنسائي عن أنس بن مالك ].
لأن الخشوع في الصلاة من فرائضها لا من فضائلها، والنظر إلى السماء في الصلاة يتنافى مع الخشوع، فلذلك يقول عليه الصلاة والسلام:(( ما بالُ أقوام )).وهذا من تلطف النبي عليه الصلاة والسلام، كان من الممكن أن يخاطب واحداً ممن رآه يرفع بصره إلى السماء، قال: (( ما بالُ أقوام )).ليكون النصح عاماً دون أن يكون مخصصاً لئلا يحرج الإنسان، ويشعر بالضيق.(( ما بالُ أقوام يرفعونَ أبصارهم إلى السماء في الصلاة، فاشتدَّ قوله في ذلك حتى قال: لَيَنْتَهُنَّ عن ذلك، أو لتُخطَفَنَّ أبصارُهم )).[ رواه مسلم والنسائي عن أنس بن مالك ].
إذاً الخشوع:﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾.
[ سورة المؤمنون ].
خفض البصر في الصلاة من الخشوع، والأصح أن نقول: هو التخشع، الخشوع حالة القلب، المظهر الذي يعين على خشوع القلب أن تتخشع، إنما العلم بالتعلم، وإنما الحلم بالتحلم، وإنما الكرم بالتكرم، وإنما الخشوع بالتخشع، أنت قف الموقف الذي يعبر عن الخشوع، وعلى الله الباقي، الله عز وجل ينقلك إلى مرتبة الخشوع إذا كانت أعضاؤك وحركاتك تعبر عن الخشوع.
على الإنسان أن يلتفت إلى الله بقلبه إذا أراد أن يصلي :
|
أيضاً قال رسول الله عليه الصلاة والسلام:(( لا يزال الله مقبلاً على العبد في الصلاة ما لم يلتفت، فإذا صرف وجهه انصرف عنه )).[ رواه أبو داود والنسائي عن أبي ذر ].
أنت مقبل على الله، والله مقبل عليك، تقول: سمع الله لمن حمده، هو يسمعك الآن، إن كنت تخاطبه فهو يستمع إليك، إن كنت مقبلاً عليه فهو مقبل عليك، إن كنت ترجو رضوانه هو يحب أن يكرمك.(( لا يزال الله مقبلاً على العبد في الصلاة ما لم يلتفت، فإذا صرف وجهه انصرف عنه )).[ رواه أبو داود والنسائي عن أبي ذر ].
أحياناً الإنسان يقابل شخصاً بمقياس المجتمع عظيم، يجد نفسه منصرفاً إليه، لا يرى من المناسب أن يتلهى بسبحة، ولا بقراءة صحيفة، ولا بمجلة، ولا أن ينصرف عنه إلى جهة أخرى، ليس من المناسب أن تقابل شخصاً ذا مكانة أن تجلس أمامه وتنظر إلى اليمن أو إلى اليسار، أو أن تتلهى بقراءة صحيفة أمامه، هذا لا يليق بعلية القوم.فلذلك الإنسان إذا أراد أن يصلي فليلتفت إلى الله عز وجل بقلبه.
2 ـ النهي عن نقرة الديك وإقعاء الكلب والتفات الثعلب :
|
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (( أوصاني خليلي بثلاث ونهاني عن ثلاث. نهاني عن نقرة كنقرة الديك ـ الصلاة السريعة ـ وإقعاء كإقعاء الكلب، والتفات كالتفات الثعلب )).[ أحمد عن أبي هريرة] .
بالصلاة لا يليق بالمؤمن أن يجلس كإقعاء الكلب ـ أي يجلس على ليتيه ـ أي يتربع تقريباً.(( والتفات كالتفات الثعلب )).الحركة السريعة. (( نقرة كنقرة الديك )).هذه الحركات الثلاثة، نقرة الديك، وإقعاء الكلب، والتفات الثعلب، نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم.
3 ـ الابتعاد عن الحركات الكثيرة :
|
حديث آخر :(( لا تمسح - يعني الأرض - وأنت تصلي، فإن كنت لابدَّ فاعلاً فواحدة )).إنسان سجد فشعر أن هناك شيئاً بجبينه من التراب، فمسح، مسحة واحدة مقبولة، أما أكثر من مسحة، أي مسحتان، ثلاثة، هذا مما يتنافى مع آداب الصلاة.(( لا تمسح - يعني الأرض - وأنت تصلي، فإن كنت لابدَّ فاعلا فواحدة )). [ متفق عليه عن معيقيب ].
أي تعديل الثياب، والهندام، ومسح الرأس، ووضع اليد على الشعر أثناء الصلاة، هذا أيضاً يتنافى مع الخشوع في الصلاة.
4 ـ الابتعاد عن الكِبر في الصلاة :
|
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(( الاختصار في الصلاة راحة أهل النار )).[ ابن حبان عن أبي هريرة] .
الاختصار أن يضع الإنسان يده على خاصرته في الصلاة، أيضاً هذا منهي عنه لأنه كِبر.(( الاختصار )).[ ابن حبان عن أبي هريرة] .
أي لا يليق بمؤمن يقف بين يدي الله أن يسلك نوعاً من السلوك الذي يوحي بالكبر هذه كلها من آداب المصلي.
من شوش على المصلي صلاته وقع في إثم عظيم :
|
حديث آخر :(( لو يعلم المارُّ بين يدي المصلِّي ماذا عليه لكان أن يقفَ أربعين خيراً له من أَن يمر بين يديه - قال أبو النضر: لا أدري قال: أربعين يوماً، أو شهراً، أو سنة؟ )).[ متفق عليه عن أبي الجهيم الأنصاري].
حينما تشوش على المصلي صلاته وقعت في إثم كبير، لو أردنا أن نقيس، النبي عليه الصلاة والسلام قال:(( لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان )) .[ أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن أبي بكرة ] .
الحديث واضح، القاضي غير غضبان، ابنه مريض مرضاً شديداً، وهو مشوش، فأية حالة تلتقي مع الغضب الذي يشوش الحكم فعليه أن ينسحب، هذه قاعدة مهمة في الفقه الفقهاء حملوا على غضب القاضي ثلاثاً وثلاثين حالة، كلها تلتقي مع الغضب في اضطراب الحكم.فالإنسان إذا مرّ بين يدي المصلي، شوش عليه صلاته، وهذا إثم كبير، والإنسان إذا أراد أن يسمع أخباراً وأخوه يصلي في الغرفة، فتح وسمع أخبار لندن مثلاً، أنت شوشت عليه، إنسان قرأ القرآن بصوت مرتفع أمام شخص يصلي هذا أيضاً تشويش، أي شيء يصرف المصلي عن صلاته تشويش، فهذا في إثم كبير.كل إنسان أراد أن يدخل على جو فيه مصلٍّ ، والدخول هذا بصوت، أو بحركة، أو بسكنة، هذا يشوش على المصلي صلاته، إذاً ينسحب هذا على من يمر بين يدي المصلي.(( لو يعلم المارُّ بين يدي المصلِّي ماذا عليه؟ لكان أن يقفَ أربعين خيراً له من أَن يمر بين يديه - قال أبو النضر: لا أدري قال: أربعين يوماً، أو شهراً، أو سنة؟ )).[ متفق عليه عن أبي الجهيم الأنصاري].
وعن أبي الخدري رضي الله عنه قال:(( إذا صلَّى أحدكم فأراد أحدٌ أن يجتاز بين يديه فليدفع في نحره ـ أي السنة أن تمد يدك، إن أراد أحد أن يقتحم عليك صلاتك، أن تدفعه بيدك ـ فإن أبى فليقاتله، فإنما هو شيطان )).[ متفق عليهعن أبي سعيد الخدري ].
أي شيطان هو الذي يمر بين يدي المصلي.
الترهيب في ترك الصلاة متعمداً أو إخراجها عن وقتها متهاوناً :
|
أما الموضوع الدقيق جداً، آخر موضوع هو الترهيب في ترك الصلاة متعمداً، أو إخراجها عن وقتها متهاوناً، فقد قال عليه الصلاة والسلام:(( بين الرَّجُل وبين الشِّرْك أو الكفر: تركُ الصلاة )).[ أخرجه مسلم عن جابر ].
يمكن أن يسقط الصيام عن المريض، والمسافر، والزكاة تسقط عن الفقير، والصيام، والحج، والزكاة تسقط أيضاً عن الفقير، والشهادة تؤدى مرة واحدة، بقي من الدين الفرض المتكرر الذي لا يسقط بحال هو الصلاة، والصلاة هي عماد الدين، من أقامها فقد أقام الدين، ومن تركها فقد هدم الدين، ولا خير في دين لا صلاة فيه، فمن ترك الصلاة متعمداً فقد كفر.(( بين الرَّجُل وبين الشِّرْك أو الكفر: تركُ الصلاة )). [ أخرجه مسلم عن جابر ].
حديث آخر:(( العَهدُ الذي بيننا وبينهم: الصلاةُ، فمن تركها فقد كفر )).[ رواه أحمد وأبو داود والنسائي عن بريدة].
إلا أنه لا بد من تعليق قاله الفقهاء: "من ترك الصلاة كفراً بها، أو أنكر فرضيتها فقد كفر، لكن من ترك الصلاة تهاوناً، وتكاسلاً فقد فسق"، لا يُكفّر، أي إنسان لم يقل: الصلاة لم يفرضها الله، لم يقل: الصلاة لا تجدي، قال: والله أنا مقصر، أرجو الله أن يغفر لي، نقول: هذا لم يكفر لأنه لم ينكر فرضيتها.نحن عندنا قاعدة: أي شيء فرضه الله علينا إن أنكرت فرضيته فقد كفرت، إن تركته تهاوناً فقد فسقت، طبعاً معصية كبيرة جداً، المعصية شيء والكفر شيء آخر، الكفر: الكافر خالد مخلد في النار، أما العاصي الذي آمن بفرضية الصلاة يخرج من النار بعد حين، ففرق بين الكافر والعاصي، من ترك الصلاة كفراً بها، أو إنكاراً لفرضيتها فقد كفر، أما من تركها تكاسلاً أو تهاوناً فقد عصى، والعاصي طبعاً بإمكانه أن يتوب. (( العَهدُ الذي بيننا وبينهم: الصلاةُ، فمن تركها فقد كفر )).[ رواه أحمد وأبو داود والنسائي عن بريدة].
والْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ